فمن هو الخادم الروحى الذي يعمل الله فيه وبه، ويعمل الله معه؟ إنه الخادم الذي يهتم جدا بأبديته، ولا ينسى نفسه في محيط الخدمة. في الوقت الذي نتطلع فيه إلى المستقبل، تظل أهمية الخدمة الكنسية في الحياة الحديثة واضحة. يعهد الله لكنيسة الشرق الأوسط أن تكون النور الذي تحتاجه المنطقة بشدّة.
يجب أن تكون الكنيسة ماهرة في فهم سياقها حتّى ترى ما يفعله الله في خضم الصراع، وما يدعوها أن تفعله استجابةً لذلك. فوضعوا لنا حجر الأساس الذي تُبنى عليه كنيسة الله كقراء أولين للنصوص المقدّسة وقُربهم مِن زمن بدء نبتة الكنيسة الأولى. “هي القدرة على شفاء الجراح وتدفئة قلوب المؤمنين، القرب من الناس”.
هذا الموقف المشرف من قادة الفكر المسيحى فى الكنيسة الأولى يكشف كيف واجهت الكنيسة المجتمع بثقافاته وقدراته وإمكانياته، لا لتأخذ موقف المواجهة ضد المجتمع، بل تقديس ونمو وتطور كل ما هو للبنيان. ما نوع البابا الذي تحتاجه الكنيسة في هذا المنعطف الحاسم من التاريخ؟ وبالجواب على ما هو الأمر الذي تحتاجه الكنيسة أكثر في أيامنا، قال البابا برغوليو: وننهمك في تحديد النشاط المركزي الذي خلق البشر من أجله، ونعيد إليه ما لا يقبل أن يوجَّه إلى أية وجهة أخرى.
بطبيعة الحال، مرور واحد وعشرين قرنًا على المسيحية، أدى إلى تراكم خبرات تفسير لاهوتية عديدة، على مستوى كنائس العالم أجمع، وظهرت في التاريخ نظريات عديدة تفسر الإيمان المسيحي، وصار الأمر. في مقابل هذه الاستعادة للهلينية المسيحية، فضّل آخرون حوارا أكثر حيوية مع الفكر الحديث، خصوصا ما له صلة بالمثالية الألمانية، مع الحرص على عدم التخلي عن التراث الكتابي الواسع للآباء. إنها توفر جسراً بين الإيمان والعمل، مما يسمح للأفراد بعيش قيمهم الروحية بطريقة ملموسة.